البرلمان وإنصاف المرأة

شهد تاريخ الحركة النسوية العراقية منذ عشرينات القرن الماضي نشاطا وكفاحا مميزا بين النساء العربيات، واستطاعت المرأة العراقية، لاسيما في المدن من إيصال صوتها الى العالم من خلال نشاطها الإعلامي أو عقد المؤتمرات، فكان مؤتمر المرأة العربية الثاني في بغداد 1930 علامة مميزة عن نهضة المرأة العراقية من اجل حريتها وإنصافها اجتماعيا، ثم مرت على البلاد بظروف وتغيرات كثيرة اتخذت المرأة أوضاعا أكثر تطورا، لكن كانت متأثرة في كل حقبة من الحقب بلون أيديولوجي يوجهها، ولم تعد تملك زمام المبادرة المستقلة تماما، مما حدا بكثير من النشطات الوطنيات الى مغادرة البلاد آنذاك، وبعد 2003 وبعد سلسة من الحروب تركت آثارها في هذه المرحلة، ومع التراجع الاجتماعي والحضاري والتعليمي والاقتصادي للمجتمع ككل تراجع دور المرأة، لذا فإن دعوة دولة رئيس البرلمان العراقي الى أنصاف المرأة، ينبغي ألا يفهم على انه تسويق لمرحلة ما، بقدر ما يجب أن تأخذ موضع الجد في نهضة المجتمع ككل، والتي تنهض معه المرأة والرجل معا، فالمرأة نالها من الحيف الشيء الكثير، ولكن لهذا الحيف أسباب ذاتية، وأخرى موضوعية، ينبغي أن تشخيصهما سريعا ، لكي يكون العلاج ملائما وعميقا، وإلا سيظل الكلام مجرد كلام، فالأسباب الذاتية متصلة بالمرأة نفسها التي لم تساعد نفسها في تنظيم أوضاعها الوطنية، وبدلا من تشكيل جبهة نسوية عراقية لجأت بعد 2003 الى المنظمات المجتمع المدني المدعوم خارجيا أو المشاركة في برامج ممولة من الخارج، وبدلا من التركيز على التنمية المعرفية للمرأة قفزت بها الى مستويات أعلى من المطالبة مثلا بالحقوق السياسية (الكوتا) وغيرها، والمفروض أن تتضمن آليات عمل تنهض بالمرأة في بيئتها، بالاشتراك مع الرجل لان المجتمع العراقي مجتمع شرقي والترابط بين المرأة والرجل ترابط جدلي، فتطور احدهما لابد أن يشمل الأخر، وهذا مرتبط بالعوامل الموضوعية التي ينبغي أن تستند الى خطة تنموية حقيقية وشاملة تبدأ بنهضة القطاع التعليمي والصحي والصناعي وقطاع الخدمات وبالجانب العمراني وتخطيط المدن وتنمية الريف ثقافيا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى